بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: رسالة التدريس رسالة سامية إذا صاحبها الاخلاص فنرجو توجيه نصح وإرشاد للإخوة المدرسين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إن نصيحتي لإخوتي المدرسين أن يتقوا الله عز وجل في عملهم وذلك بالاخلاص لله تعالى بأن يكون قصدهم بتعليمهم إحياء شريعة الله ونفع عباد الله وأن يكون قصدهم إصلاح الخلق وحينئذٍ لا بد أن يضمن تعليمهم شيئاً من التربية الشرعية بالتوجيه والنصح للطلبة وأن يظهر أمامهم مظهر الرجل المربي المعلم وألا يريهم شيئاً من التقصير في واجبه لأن التلميذ يقتدي بأستاذه أكثر مما يقتدي بأبيه وأمه ويجب على المعلم أن يقوم بالتدريس على الوجه الذي يطلب منه بأن يكون حين لقاء الدرس متأهباً لما يلقى إليه من الأسئلة هاضماً للدرس الذي يدرسه حتى يؤديه على الوجه المطلوب .
السؤال: معلم أسند إليه تدريس أحد المواد التي قد لا يجيدها ولكن لعدم وجود البديل وافق فهل يأثم أم لا أرجو الافادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يأثم إذا وافق ولكنه يأثم إذا قال بما لا يعلم لقول الله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وربما يكون الرجل لا يجيد هذا العلم الذي أسند إليه ولكنه إذا أسند إليه حرص عليه وتابع وتعلم ثم ألقى ما علم على التلاميذ فالمهم أن قبوله لتدريس هذا العلم لا يأثم به لكنه يأثم إذا درس أو إذا تكلم بما لا يعلم .
السؤال: أعمل مدرسة لغة انجليزية ولا يكون عندي وقت لقراءة القرآن حيث إنني أعمل أثناء النهار في المدرسة حتى الساعة الثانية ظهراً وبعدها أقوم بإعداد الدروس في البيت إلى أن يغلبني النوم لأنني معي مواد كثيرة فهل عليّ إثم في ترك قراءة القرآن مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا حصل الجمع بين قراءة القرآن والقيام بواجب التدريس فهذا هو الأفضل فإن لم يمكن فالقيام بالتدريس أولى لأن القيام بالتدريس قيام بواجب مفروض على العبد وقراءة القرآن من السنة ولا شك أن هذه المرأة سوف تقرأ من كتاب الله تعالى ما تقرأه في صلاتها من الفاتحة أو غيرها فلا تكون بذلك هاجرة للقرآن .
السؤال: السائل أبو عبد الله يقول معلم عرض على مديره أن يعطيه إجازة لمدة خمسة أيام قبل بدء الدراسة وليس هناك عمل وقرر المعلم أن يتنازل عن راتب هذه الأيام لفقراء الطلاب وجوائز للمتفوقين وما أشبه ذلك وجهونا في ضوء هذا السؤال؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للإنسان أن يطلب إجازة إلا حيث يجيز ذلك النظام فإن أجاز النظام هذا فلا بأس وحينئذٍ يحل له الراتب الذي يكون له على هذه الأيام أما إذا كان لا يجيزه النظام فإنه لا يحل لمديره أن يوافقه على ذلك و إن قدر أنه وافقه فإن الراتب المقابل لهذه الأيام لا يحل له حتى وإن صرفه لفقراء الطلاب أو لمصالح المدرسة وإنني بهذه المناسبة أحب أن أنصح إخواني الموظفين أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي حكومتهم وفي شعبهم فإن أخذ ما لا يستحقون ظلم لأنفسهم لأنهم يستبيحون لأنفسهم أكل مال بالباطل بدون حق وهذا من ظلم النفس فعليهم أن يتقوا الله وليحذر أولئك الذين يقصرون في أداء الواجب عليهم في النظام ليحذروا مما حدث به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) ليحذروا أن يكونوا مثل هؤلاء ولهذا ذكر الفقهاء رحمهم الله من شروط الدعاء الإخلاص واجتناب أكل الحرام فليحذر المؤمن من التهاون في أداء ما يجب عليه أداؤه من العمل سواء كان في الحكومة أو في القطاع الخاص .
السؤال: شخص عمل في مدرسة ليليَّة وقد تخلف بعض الأيام عن التدريس وأخذ عليها مرتباً أو مكافأة وأحب أن يرجعها إلى أصلها فقال له البعض بأن العملية صعبة وقد تأخذ إجراءات قد تطول فقام وتصدق بها فهل عمله صحيح؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا العمل ليس بصحيح لكن الواجب عليه أن يردها إلى الدولة لا إلى الجهة المسؤولة لأن ردها إلى الجهة المسؤولة قد يترتب عليه أشياء صعبة وكيف يردها إلى الدولة يردها إلى بيت المال لأن بيت المال يدخل في خزانة الدولة وحينئذ يكون قد أبرأ ذمته إن شاء الله تعالى .
لسؤال: أبو عبد الله يذكر بأنه مدرس وحصل عنده تقصير في إحدى السنوات يقول فهل أخرج من مرتبي مبالغ وأتصدق بها أم ماذا أعمل مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أنه يجب عليه أن يخرج من مرتبه بمقدار ما حصل منه من تقصير وأن يجعل ذلك في صندوق المدرسة فإن لم يمكن فليتصدق به ويفضل أن تكون الصدقة على الفقراء من الطلاب لأن هذا التقصير كان من حقوق الطلاب الذين قصر في حقهم فصرف عوضه إلى طلاب ينتفعون به أولى من صرفه إلى أجانب عن المدرسة.
السؤال: عند غيابي بدون عذر والحسم من راتبي هل يكفي ذلك لإبراء الذمة أم يلزم أمر آخر؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يلزم التوبة إلى الله عز وجل بأن تتوب إلى الله وتصلح حالها وتحافظ على أداء الوظيفة كما ينبغي .
السؤال: معلم كان مقصراً في أداء دروسه ثم تاب إلى الله كيف العمل وقد استلم رواتب كثيرة ويخشى أن يلحقه إثم وقد قال بعض الناس بأن هذا من بيت المال ولا يضره ذلك إن شاء الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما قول بعض الناس إن هذا من بيت المال ولا يضرك فهذا غلط كبير بل ابتزاز أموال بيت المال بغير حق قد يكون أشد من ابتزاز مال الشخص المعين لأن ابتزاز الأموال من بيت المال ظلم لجميع من يستحقون من هذا المال .
السؤال: فضيلة الشيخ معلم في مدرسة ليلية لم يقم بالواجب على أكمل وجه هل يتصدق بشيء من المرتب على فقراء المدرسة من طلاب ونحوهم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: يجب على من قصر في واجب وظيفته أن يتوب إلى الله وأن يقوم بواجب الوظيفة وألا يتخلف عنها تأخرا في الحضور أو تعجلا في الخروج وألا يهمل الواجب أثناء القيام به هذا أمر لابد منه فإن لم يفعل صار من المطففين الذين توعدهم الله تعالى بالويل فقال (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) والتسويف الذي يحصل من بعض الموظفين في التأخر عن الحضور أو التعجل في الخروج من غرور الشيطان والعياذ بالله لأنهم يعللون أنفسهم بأن العمل سهل أو ربما يكون العمل قليل لا يستوعب الوقت أو يقول بعضهم أيضا أنا مستحق لهذا الراتب وإن لم أعمل لأنه من بيت المال وما أشبه ذلك من التعليلات العليلات فالموظف مؤتمن على وظيفته والموظف يأخذ على وظيفته أجرا فكيف يخون وكيف يأخذ ما لا يستحق وحينئذ يدخل في الخيانة في الأمانة وفي أكل المال بالباطل فعلى الموظف المعلم وغير المعلم أن يتقي الله أولا بأداء الوظيفة على الوجه المطلوب وإذا قدر أن نفسه سولت له وفرط في الواجب ثم هداه الله عز وجل فعليه أن يرد مقابل تفريطه إلى المسؤول في تلك الإدارة أو الوزارة أو الرئاسة بحيث يرد إلى بيت المال فإن تعذر ذلك فليصرفه في مصلحة الجهة التي يعمل فيها فإن كان معلما ففي المدرسة وإن كان في عمل آخر ففي نفس الجهة التي يعمل فيها فإن تعذر ذلك تصدق به على الفقراء لأن الفقراء لهم حق في بيت المال ولكن يجب أولا أن يحذر من التفريط ليقوم بالأمانة على الوجه المطلوب .
(( فتاوى نور على الدرب للشيخ العلامة محمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله ))
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين